
الزميل محمود كريشان يعد بحق “ذاكرة وسط البلد” في العاصمة الأردنية عمّان، صفحته وكلماته تتنفس عبق التاريخ في مقاهي وسط البلد القديمة وأسواقها الشعبية.
حينما تتصفح صحيفة الدستور الأردنية أو صفحة الزميل محمود كريشان تجدها مليئة بالذكريات والتاريخ، ستجد أن هناك شخصا حفظ لهذه الأمكنة صوتها وذاكرتها ودفء حكاياتها، ذلك هو الزميل كريشان، الذي يستحق أن نطلق عليه بحق لقب “ذاكرة وسط البلد”.
على مدى سنوات طويلة، ظلّ ويظل كريشان يوثق نبض المكان ويكتب عن وجوه الناس الذين صنعوا تاريخ المدينة، بأسلوب يجمع بين الحنين والصدق، وبين الصورة الإنسانية والتوثيق الصحفي الأصيل.
فمن خلال عموده الشهير وكتاباته اليومية، جعلنا نرى عمّان كما لم نرها من قبل؛ مدينةً نابضة بالحياة، تختزن في زواياها قصص البسطاء والتجار والمثقفين وكل من مرّ من هناك تاركًا أثرًا في الذاكرة.
الجميل في تجربة الزميل العزيز محمود كريشان أنه لم يكتفِ بالسرد، بل مارس الصحافة كفعل انتماء. لم تكن كلماته مجرد وصف للأماكن، بل حالة وجدانية ووطنية تربط الماضي بالحاضر، وتذكّرنا بأن المدن لا تعيش بالحجارة، بل بذاكرتها وأهلها.
ومع التحولات التي تشهدها عمّان، تظلّ كتابات الأخ والصديق محمود كريشان شاهدة على زمنٍ جميل، تحفظ الملامح قبل أن تتبدّل، وتعيد إلينا روح “وسط البلد” كلما حاولت الحداثة أن تخفيها خلف الزجاج والاسمنت.
ولعل ما يميز الزميل محمود كريشان عن غيره، تلك العبارات التي اشتهر بها، حين يصف “الأزقة اللعينة” في وسط البلد — عبارة تختصر الكثير من الألم والحنين والدهشة في آنٍ واحد.
يكتب الزميل كريشان ويصف الحال ويتعايش معه فهو يمثل دائما نبض الشارع ويحكي وكأنه على “مصطبة” إنه حكاي وكاتب بديع يكتب لكي يحفظ ملامح وسط البلد ويصف الحالة، ويؤكد في كل مرة أقرأ له أن في تلك الأزقة حكايات لا تنتهي، وأرواحًا لا تغيب.
وأطالب نقابة الصحفيين الأردنية بتكريم أمثال الزميل محمود كريشان لأن تكريمه في جوهره تكريم للصحافة الأصيلة التي لا تنفصل عن الناس ولا تبتعد عن الواقع، بل تبقى صوت الذاكرة وضمير المدينة.





