بيتر كمال: الذكاء الاصطناعي يُعيد تشكيل القانون الجنائي.. هل تتخلف التشريعات عن الركب؟

بيتر كمال: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات جديدة على القوانين الجنائية ويستلزم تحديث التشريعات
حسام راضي
أكد المستشار القانوني بيتر كمال أن التطورات المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي تفرض تحديات قانونية غير مسبوقة على القوانين الجنائية، ما يستلزم تحديث التشريعات لمواكبة الجرائم الرقمية الجديدة وضمان تحقيق العدالة.
وأوضح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة في مختلف المجالات، بل أصبح يؤثر بشكل جوهري على النظام القانوني، خاصة في مجال القوانين الجنائية التي لم تكن مصممة للتعامل مع هذا النوع من التهديدات المستحدثة.
أوضح المستشار بيتر كمال أن إحدى أكبر التحديات القانونية التي يفرضها الذكاء الاصطناعي هي مسألة تحديد المسؤولية الجنائية في الجرائم التي تنطوي على استخدام الخوارزميات والروبوتات.
ففي بعض الحالات، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات الاحتيال المالي أو في نشر المعلومات المضللة باستخدام تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، ما يجعل من الصعب تحديد الجهة المسؤولة عن الجريمة، خاصة إذا كانت الأنظمة تعمل بشكل مستقل دون تدخل بشري مباشر.
وأضاف: “من الناحية القانونية، يمكن محاسبة الأفراد أو الشركات عند استخدامهم للذكاء الاصطناعي لارتكاب جرائم، ولكن ماذا عن الحالات التي يتم فيها تنفيذ الجريمة بسبب خلل في الخوارزميات؟ هل يتحمل المبرمجون المسؤولية، أم الشركات المطورة، أم أن المسؤولية تقع على المستخدم النهائي؟ هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابات واضحة ضمن إطار قانوني محدث.”
ولفت المستشار القانوني إلى أن تقنيات التزييف العميق تشكل تهديدًا خطيرًا للعدالة الجنائية، حيث يمكن استخدامها لتزييف أدلة بصرية أو صوتية بهدف تلفيق التهم أو تشويه سمعة الأفراد، مما قد يؤدي إلى وقوع أخطاء قضائية جسيمة.
وأكد كمال، أن المحاكم يجب أن تطور آليات للتحقق من الأدلة الرقمية.
أشار إلى ضرورة تبني تشريعات تمنع إساءة استخدام هذه التقنيات وتفرض عقوبات مشددة على من يستغلها في الإضرار بالآخرين.
من ناحية أخرى، لفت إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يُستخدم بشكل متزايد في تحليل الأدلة الجنائية، والتعرف على الأنماط السلوكية للمجرمين، وحتى في التنبؤ بالجرائم المحتملة.
إلا أن هذه الأدوات ليست خالية من العيوب، حيث أظهرت بعض الدراسات أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تنطوي على تحيزات تؤثر على قراراتها، مما قد يؤدي إلى ممارسات تمييزية بحق فئات معينة من المجتمع.
وقال: “على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في مكافحة الجرائم، إلا أنه لا ينبغي الاعتماد عليه بشكل مطلق، بل يجب أن يكون مكملًا للعمل البشري مع وجود آليات إشراف صارمة لضمان عدم انحرافه عن تحقيق العدالة.
وفي ختام حديثه، شدد المستشار بيتر على أن العالم بحاجة ماسة إلى إطار قانوني متطور يتماشى مع تسارع تطورات الذكاء الاصطناعي.
أوضح أن العديد من الدول بدأت بالفعل في سن تشريعات جديدة لتنظيم استخدام هذه التقنية في المجال الجنائي، إلا أن هذه القوانين لا تزال في مراحلها الأولية وتحتاج إلى مراجعة مستمرة.
وأكد أن التشريعات المستقبلية يجب أن تحقق توازنًا بين الاستفادة من إمكانيات الذكاء الاصطناعي في مكافحة الجرائم وبين الحذر من مخاطره المحتملة على حقوق الأفراد والعدالة الجنائية.
كما دعا إلى تعزيز التعاون بين الجهات التشريعية والخبراء في مجال التقنية لضمان سن قوانين فعالة تواكب العصر الرقمي وتحمي المجتمع من الجرائم المستحدثة.
واقترح المستشار بيتر كمال تنظيم مؤتمرات وحوارات قانونية متخصصة تجمع بين القانونيين والخبراء التقنيين لمناقشة هذه التحديات ووضع حلول قانونية مناسبة.
وأكد أن مستقبل العدالة الجنائية سيعتمد بشكل كبير على مدى قدرة القوانين على التكيف مع ثورة الذكاء الاصطناعي.
