اتجهت عديد المؤسسات الحكومية الرشيدة نحو توظيف موارد الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة النظيفة في ضخ العديد من العمليات الإنتاجية، والتي تتسم بكونها غير ضارة بالبيئة، ولا تحمل آثارًا سلبية على البشر؛ فضلًا عن تعاظم مزاياها وجدواها الاقتصادية، وهذه الموارد لا تتطلب سوى استخدام موارد بشرية فعالة؛ يمتلكون المهارات والكفاءات والخبرات المتراكمة التي تؤهلهم على شق كابلات الكهرباء، وتصنيع أعمدة الطاقة، وإتقان مهارات إعادة التوليد من المصادر المتعددة، فضلًا عن الاطلاع على أحدث أساليب الاستثمار في الطاقة الشمسية.
هذه المصادر تمثل وقودًا دافعًا لعجلة التنمية المجتمعية المستدامة التي تسعي إليها الدول بدعم هيئاتها وجماعات مصالحها؛ باعتباره الرصيد الفكري الكامل الذي تمتلكه المؤسسة، وينعكس في المشاركات المجتمعية، وشراكات العمل، والانفتاح الواسع علي الأسواق العالمية؛ وترسيخ علاقات المنظمة ذات الأبعاد السياسية والإستراتيجية بالنظم والهيئات المحلية والدولية، وغيرها من الجهود والمبادرات الساعية نحو الارتقاء برفاهية المجتمع، وتعزيز نموه الاقتصادي.
ولا يقتصر الاهتمام بالمارد البشرية القادرة على تطويع أساليب ومصادر الطاقة فى تحقيق التنمية من المنظور المادى أو الكمى فقط، ولكن من المنظور الكيفى أيضًا، من خلال قدراتها وكفاءته على تطويع وتسهيل طرق الإنتاج المنظور وغير المنظور، مما يعظم من القيم المضافة لذلك الإنتاج على المستوي القومى والدولى؛ وذك عبر ثلاث ركائز رئيسية، هي: (البنية الأساسية المادية، البنية الأساسية البشرية، مؤسسات المجتمع المدني).
وتمتلك مؤسساتنا الحكومية والخاصة مئات بل وآلاف المهندسين المهرة؛ لكنهم يواجهون إشكالية بسيطة؛ وهي كونهم يعملون في صمت، ثم يعملون في صمت؛ دون صريخ أجوف، ودون تصدير لمشكلات عبثية؛ تتصدر يوميا منصات وقنوات التواصل الاجتماعي من هواة التريندات المصطنعة عديمي الفكر.
أما ذوي العقول المستنيرة فهم يشكلون رصيدًا تأمينيًا وقائيًا أثناء الأزمات الاتصالية وكذلك المادية التي قد تواجه الاستثمار والاقتصاد العالمي؛ لكنهم يعانون التهميش والغياب الإعلامي الكامل.
ولا يمكن لرأس المال الاجتماعي الاضطلاع بدوره في خضم التنمية المستدامة بمعزل عن محددات رأس المال الهيكلي؛ باعتبارها مدخلات البناء التنظيمي التي تضبط مناخ العمل بالشركات والمؤسسات؛ بما يتضمنه من لوائح وتشريعات ونظم إدارية ترسم أنماط العلاقات الاتصالية والتفاعلية للمنظمة مع جماهيرها الداخلية والخارجية؛ وذلك شريطة التزام المنظمة بمؤشرات الثقة، والوفاء بمسئولياتها، وغرس مفاهيم التعاون والتنسيق والعمل الجماعي بين العاملين.
هذه المؤشرات تمثل الضمانة الرئيسية لجودة مخرجات المنظمة الناتجة من معالجة عملياتها التفاعلية مع الجمهور، لذا تبدو العلاقة ارتباطية بين كل من (كفاءة مدخلات المنظمة، سلامة واستقرار بيئة العلاقات التفاعلية، هيمنة مؤشرات الثقة والالتزام علي هذه العمليات) من جانب وبين كفاءة المخرجات التي تمثل نقاط قوة ومزايا تنافسية من جانب آخر.
لقد كان لزامًا علينا أن نرفع قبعات الإشادة للموارد البشرية العاملة في صمت تحت مظلة الطاقة النظيفة والمتجددة، فهل تمتلك جميع جامعاتنا بنية تحتية وأعضاء تدريس في كل كلية مؤهلين للتعامل مع موارد هذه الطاقة؟ وهل يحرص التليفزيون الحكومي أو القنوات الخاصة – من منطلق مسئوليتهم المجتمعية- على إعداد برامج هندسية متخصصة في مناقشة قضاياهم؟ وهل خصصت لهم الوزارات والقطاعات الحكومية المعنية ومراكز البحث العلمي مراكز تدريب مزودة بالإمكانات المادية والموارد البشرية اللازمة لهم؟
وإلى غير ذلك من الأسئلة التي لن تجد جوابًا؛ طالما غاب التكامل الاستراتيجي بين الوعي المجتمعي المسئول عنه الإعلام بشتي صوره ووسائله، وطالما انحدرت الثقافة المجتمعية المسئول عنها أجهزة التنشئة من بيت ومسجد أو كنيسة، ومدرسة، وجامعة، ونادي، ومركز شباب، ومنظمة مدنية.