آراء حرة

ناجح النجار يكتب: الحرب الأوروبية والنظام الغذائي المصري

في الوقت الذي يشهد المجتمع الدولي تداعيات واضطرابات كبيرة، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، إزاء الحرب الروسية الأوكرانية، أو جائحة “كورونا” التي بدأت منذ عامين تقريبًا، يحاول البعض خاصةً من معدومي الضمير، استغلال تلك الأزمات ورفع أسعار السلع والمازوت على المواطنين، لاسيما في التوقيتات التي تتزامن مع أوقات الحروب أو الكوارث الطبيعية الخارجة عن الإرادة الحكومية أو إرادة الدولة نفسها.

دور الأجهزة الرقابية

يجب أن تكون الرقابة فاعلة ومؤثرة تجاه تلك السيناريوهات الطارئة، التي يحاول فيها البعض المتاجرة بالأزمات وتحقيق أكبر قدر من المكاسب الشخصية على حساب الضعفاء ومحدودي الدخل.

كما تجب محاسبة أي شخص يحاول كسر هذه القواعد أو الشروط التي من شأنها إلحاق الضرر بالضعفاء وقت الأزمات، لمنع تعطيش السوق من أجل رفع الأسعار.

فيجب على كل مؤسسات الدولة أن تقدم ما في جعبتها من حلول مُتاحة وممكنة لضمان تأمين السلع الاستراتيجية ومنع احتكارها على المواطنين.

دور الحكومة تجاه الأزمة

استبقت الحكومة المصرية تلك الأحداث مبكرًا منذ بداية جائحة كورونا في أواخر عام 2019، في محاولة منها للسيطرة على تداعيات هذه الأزمة والتحوط من آثارها السلبية الخطيرة على معدلات الإنتاج ووقف العمل، إذ بدأت في إيجاد خطط بديلة للتعامل مع الأحداث الطارئة.

حيث قامت بالتجهيز لتحصيل مخزون استراتيجي جيد من القمح، المحصول الأهم والأبرز خلال هذه الفترة وما يشهدها العالم من تداعيات سلبية خطيرة على الشعوب.

معدلات الإنتاج المحلي

تزرع مصر ما يقارب 3 ملايين فدان من القمح سنويًا، لكن هذا العام وبحمد الله جاء قرار الحكومة مؤخرًا بتسعير المحصول قبل موسم الزراعة ارتفعت المساحة المنزرعة إلى ما يقرب من 3.5 ملايين فدان من القمح.

كما أن معدل الإنتاج المحلي يتجاوز 50% من الاستهلاك، ما يعني أن احتياطي القمح سيكون آمنًا -إن شاء الله- حتى نهاية هذا العام، حيث إن احتياجات الشعب المصري تصل إلى 17 أو 18 مليون طن من القمح سنويًا.

متى يتوقف استيراد القمح؟

الحقيقة أن الحكومة المصرية اتخذت قرارات صائبة منها زيادة سعر القمح إلى 820 جنيهًا، وتأمين بعض السلع المُهمة والاستراتيجية الأخرى.

ولكن قد يمكننا أن نقلل استيراد القمح من الخارج أو وقفه نهائيًا، وذلك من خلال زيادة سعر المحصول للفلاح بشكل مُجدٍ، مما يدفعه إلى زيادة المساحة المنزرعة من جهة، وتحفيزه على بيع كل إنتاجه من جهة أخرى؛ باستنثاء ما يكفيه فقط هو وأبناءه من خزين طوال العام، وهو ما يقلل الضغط على النقد الأجنبي.

كما أن التوسع الأفقى والرأسي في استصلاح الأراضي ومن ثم زراعة محصول استراتيجي كالقمح يعد أحد الطرق المهمة في زيادة معدلات الإنتاج، لاسيما بالتزامن مع توجه مركز البحوث الزراعية حاليًا في استنباط أصناف جديدة من القمح.

الأمر الذي يرفع إنتاجية الفدان من نحو 18 أردبًا إلى حوالي 22 و24 أردبا، وهو ما يسهم بشكل كبير في تقليل استيراده من الخارج، مما يعد خطوة نحو الاكتفاء الذاتي.

الكوارث والأزمات

خلاصة القول إذن إن الحروب والكوارث الطبيعية والأزمات والتغير المناخي، ليس لها وقت أو سقف زمني محدد، فالجميع يتأثر بها وتداعياتها تصل لكل الدول؛ دون استثناء سواء المتقدمة أو النامية.

لكن المُهم هو أن تحاول كل دولة السيطرة أو تقليل من حدة تلك الكوارث على مواطنيها وحماية الطبقات المطحونة، من خلال البحث عن بدائل أخرى تخفف عن كاهل البسطاء بعيدًا عن الحلول التقليدية المتمثلة فقط في زيادة الأسعار.

#

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *