رامز إلى متى ؟

د.رشا الخشاب
رامز جلال كل عام وجبه وطبق رئيسي على سفرة رمضان، وهو برنامج يهدف إلى الكوميديا والضحك، من خلال استضافة النجوم والمشاهير والفنانين ووضعهم في مواقف تبدو مضحكة للمشاهدين، لكنها في الحقيقة مواقف مُبكية ومحزنة فعليًا؛ على الحال التي وصلت إليها هذه النوعية من البرامج، والتي ابتعدت عن هدفها الأساسي، وهو الترفيه والضحك والتخفيف من ضغوط الحياة.
والغريب في كل عام أنه يطالعنا أو يفاجئنا بحيلة أصعب وأقسى مما قبلها فابتداءً من رامز قلب الأسد، ورامز ثعلب الصحراء، ورامز عنخ آمون، ومرورًا برامز قرش البحر، ورامز واكل الجو، ورامز يلعب بالنار، ورامز تحت الأرض، وتحت الصفر ” …وصولاً لهذا العام “برامز نيفر ايند” أللا نهاية، والذي يُعتبر تكرارا لنفس الفكرة من الاستهزاء بعقول المشاهدين وكذلك الضيوف، من خلال التقليل من شأنهم ووضعهم سواء من خلال الموقف او المقلب نفسه أو من خلال تعليقات رامز على الضيوف.
ولكن أين تقع مسئولية هذه البرامج تجاه المشاهدين؟ وما دورها نحو المشاهد والمجتمع المصري في تحقيق الترفيه والتسلية؟، فمثل هذه النوعية من المقالب قد أثارت الجدل حول أخلاقيات الإعلام وأخلاقيات مقدمها، وكذلك المعايير المهنية التي يجب أن تنطوي عليها، فكلمة أخلاقيات تعني “مجموعة من المعايير التي تعكس قيم المجتمع وعاداته وتقاليده وأنماطة السلوكية ، بما يحفظ له كيانه وخصوصيته المميزة عن المجتمعات الأخرى.
ولأن العمل الإعلامي يُعد أحد ركائز الإتصال البشري الذي ينطوي على تبادل الرسائل بكافة أشكالها اللفظية وغير اللفظية دون عوائق وحرية التعبير والاتصال ليست مطلقة بلا قيود ، وإنما تحكمها ما يعرف باسم ” المسئولية الاجتماعية ” التي تعني ضرورة التركيز وإلقاء الضوء على كل ما فيه احترام لكينونه المجتمع وبنائه الاجتماعي في إطار حرية مسئولة كما أن هذه المسئولية تقتضي توازن المصالح بين حق المواطن في أن يعرف، وحق الإعلامي في النشر، وحق الدولة في الحفاظ على مصالحها العليا وأمنها واستقرارها، وهو توازن لا تحكمه التشريعات الإعلامية؛ بقدر ما تحققه الاعتبارات الأخلاقية للممارسة الإعلامية .
وقد أجريتُ رسالتي للماجستير في هذه الموضوع بعنوان “الاتجاهات نحو البرامج الكوميدية المذاعة في القنوات الفضائية الخاصة من منظور نظرية المسئولية الاجتماعية ” بكلية الإعلام جامعة القاهرة، والتي تم إجراؤها على الجمهور العام والمتخصصين، وكانت من أهم نتائجها بعد تحليل المضمون لهذه البرامج تعرض جميع الأطراف المشاركة في برامج المقالب للأذى سواء كان بدنيًا أو نفسيًا أو لفظيًا؛ بل أحيانًا تصل إلى حد الإصابات؛ حيث سجلت كثيرًا من الحلقات إصابات حقيقية تراوحت بين (إصابة بكسر أوجرح ونزيف أو إصابة بطلق ناري ) كما باتت مشاهد الدماء أمرًا عاديًا في برامج المقالب الكوميدية .
كما أن التحليل النفسي والديني والاجتماعي لهذه البرامج؛ تبين أنها تدخل في إطار التخويف والترهيب والانفلات العصبي والأخلاقي الذي يحدث للضيف، لذا جاءت توصيات الدراسة حول ضرورة وجود ميثاق شرف إعلامي أخلاقي لتحقيق الضبط القيمي والأخلاقي لهذه النوعية من البرامج، وأن تتضافر جهود المؤسسات الإعلامية في انتقاء هذه الأعمال التي تصلح للعرض على شاشات التلفزيون والتي تستخف بعقول المشاهد، خاصة أنها تُعرض في شهر رمضان وسط لمة الأهل والأصدقاء والأطفال والكبار، فهناك أمثلة ونماذج لبرامج كوميدية يمكن الاستقاء منها أو الاعتماد عليها ومحاكاتها في تحقيق الهدف دون الإهانات أو التجريح أو التطاول مثل برنامج “الصدمة” والذي يحمل جوانب إنسانية في مواقفه الكوميدية التي تكشف عن تربية وسلوك كل شخص؛ في ضوء رسالة إنسانية واضحة.
وبعد هذا الاستعراض الكوميدي للمقلب نفسه يكتشف المشاهد أن الضيف على علم بالمقلب، وجاءت ردود أفعاله؛ من أجل المال؛ فيتم الاستخفاف بعقول المشاهدين وأخلاقهم، واستمرار مثل هذه النوعية بهذا الأداء يدل على عدم الأخذ في الاعتبار حاجة الجمهور، ولا متطلباته واشباعاته، وأننا مازلنا نبحث على الربح المادي و تحقيق التريند ، دون تركيز صناع العمل ومخططي هذه البرامج لتحقيق الهدف الأسمى لهذه النوعية من البرامج الكوميدية أو المفترض أن تكون .